قصة قصيرة /كا بوس الرحلة الأولى..
تمشي حافية القدمين في طريق مليء بالأشواك لا تقوى عليه ، وهي التي ولدت في ربوة ذات شقاء ، من أب مات بعد النشأة الأولى ، وأم صغيرة ، تزوجت به وهي لا تعرف للحب طريقا إلا طريق الذل، راحت تبحث عن تجربة ثانية لعلها تكون ذات واقع جميل محفوف بأزهار حلم قديم.
حين اشتد الظلام ، وقوى المطر لتوزع الشعاب عطرها المختوم بالخوف ، لم يكن لديها من حيلة غير خيمة سوداء يحتمي تحتها جسمها الضعيف.
لم تكن وحيدة فيها ، فقد امتلأت وأصبحت مكتظة عن آخرها .
والغريب في الأمر أن كل سكانها يحملون هموما متشابهة ، كأنها لنفس واحدة ، في الألم ، وفي حيز الصبر أيضا.
الريح لا يأمن مكرها إلا الغافلون..
في الليلة التالية، داهمتهم ريح عاصف ، لم تبق ولم تذر أحدا ، إلا هي ..وحيدة ..كما بدأت ..
واصلت رحلتها الطويلة نحو مطلع الشمس ، شدت رحالها ، لم تقوَ إبلها على حمل بضاعة ألمها وحزنها..فتألمت أكثر..فأكثر.. إلا أن صراخ حفيدها قطع رحلتها القاسية ..
كانت كابوسا مؤلما ..!
استيقظت ، وإذا بالأحفاد والأولاد ..يحيطون بها ، وبفراشها الوفير، في غرفة جميلة ، مكتملة من كل شيء ..كأنها عروس في ليلة دخلتها..!
——-
من مجموعتي القصصية ” عطر التراب”، طبع ونشر دار النخبة – مصر.