المسافر
تتكرر القصة دون أن تفقد متعتها. يجلس المسافر في المقعد الخلفي للسيارة في الطريق إلى المطار. يتبادل والسائق المتحمس لقصص الطريق أحاديث قصيرة وهامة عن الحياة. يندر أن يفتح الناس قلوبهم بهذا الشكل إلا لسائق تاكسي . وكأن العلاقات العابرة فرصة لنفضح أنفسنا دون عواقب ، أو كأنها أمانة ما قبل الرحيل نلقيها علي عاتق غريب مهتم.
يسير المسافرون في المطار بحذر وترقب . البعض ينجح في إخفاء خوف دفين من أن تكون الحضارة الإنسانية قد أخطأت حساباتها عندما قررت أن بالإمكان وضع مئات الأشخاص في أنبوب معدني و إطلاقه سالما نحو السماء.
يتطلع في الأشخاص القادمين عبر الطرقة الضيقة ويتساءل عمن سيجلس بجواره هذه المرة؟ هذا الرجل الستيني الذي فشلت أزرار قميصه في إستيعاب كرشه، أم تلك السيدة التي تحمل طفلها علي ذراعها بينما يجاهد أخر في التخلص من يدها الأخري، أم تلك السيدة الخمسينية التي تتبطأ حقيبة جوتشي ومازالت ترتدي نظارة الشمس.
تتقدم المضيفة في الطرقة لتقدم تعليمات الأمان. تميل الرؤوس في كراسيها نحو الطرقة تتفحص المضيفة، ثم تعود الي كراسيها، فالمضيفة ليست جميلة بما يكفي، كما ان أحدا لا يريد إرتكاب معصية وقد أوشك أن بكون أقرب الى السماء منها الى الأرض.
ترتفع الطائرة المكتظة بمسافرين قررت الأقدار أن تجمعهم وحدة المصير قبل أن تجمعهم وحدة مدينة الوصول.
إيليا مقار