مع بداية عام هجري جديد
المقال
………..
مع كل عام هجري جديد يعتاد المسلمون في كل مكان الاحتفال بتلك المناسبة الدينية التي تشكل عند المسلم دروسا وعبرا لا آخر لها… وأيضا هي معركة فاصلة بين الحق والباطل في وقت أنها ثورة علي تاريخ قديم ثابت سواءا كان قبطيا أو ميلاديا… لم تقم الهجرة لذلك بل كانت من ثمارها أن حسب المسلمون تاريخهم من تلك المناسبة العظيمة وهي هجرة سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام من مكة دار الكفر وقتها الي المدينة التي كانت قد وصلتها الدعوة الإسلامية قبل ذلك وتم استقبال النبي ومن معه في فرح وحفاوة وسرور… وعلي ذلك سمي أهل مكة بالمهاجرين وسمي أهل المدينة بالأنصار لأنهم نصروا اخوانهم واستقبلوهم وقسموا معهم الأموال والحياة نصفين في مثل لم يضرب في التاريخ من قبل… ثم بعدما قويت شوكة المسلمين عادوا الي مكة فاتحين بعدما عذبوا واضطهدوا فيها ولم تسعهم أرضهم التي هي في الأصل وطن لهم ولدوا فيه ولهم أصول بغض النظر عمن جاء من كل الأمصار مؤيدين للنبي الخاتم ومناصرين له… وعلي الرغم من أن هناك في شبه الجزيرة العربية عقائد وديانات الا أنهم اجتمعوا لحرب المسلمين واستئصال شأفة الاسلام!!!
وهنا يأتي الرد علي المدعين بأن الفتوحات الاسلامية هي محض احتلال بهذا المثل… اولا : لأن أهل مكة في الأصل هم من أرادوا ابادة المسلمين بتعذيبهم واضطهادهم وطردوهم من مكة ولم يرد النبي القائد ان يخرج الا بعدما أذن الله له بالخروج وكانت تلك البذرة الأولي في عداء أهل الاسلام ممن يجاورونهم في الوطن الواحد ومن غيرهم … ودليله أنه صلي الله عليه وسلم نظر الي مكة وقال والله انك لأحب بلاد الله الي الله ولولا ان أهلك أخرجوني منك ماخرجت.
ولماقال له ورقة بن نوفل الراهب عند اول ارهاصات النبوة : ليتني كنت فيها جذعا اذ يخرجك قومك!!!
والقرآن حكي في سورة الحشر وغيرها تفاصيل القصة كاملة والنصوص أكثر من أن تحصي…
فالنبي ومن معه عادوا الي ديارهم فاتحين ومن آمن معهم من المدينة ثم يأتي الرد الثاني وهو :
أن أهل كل بلد يفتحها المسلمون كانوا يعيشون بسلام فيدخل كثير منهم الإسلام وينضمون له لفتح بلد أخري.
فلم يكن جيشا جرارا من بلد واحد وراح يحتل البلاد كما في التاريخ مثل التتر ومثل الفرنسيين والبريطانيين والألمان وغيرهم…. بل كان من يواصل الفتح أبناء البلاد التي فتحت أصلا فكيف يكون احتلالا هنا لو تعقلون..
أتذكر من بين ماقرأت يوما أن الدكتور أحمد درويش أستاذ البلاغة والأدب المقارن كان يدرس الدكتوراه في جامعة السوربون بفرنسا في ثمانينات القرن العشرين… دار حوار بينه وبين فتاة فرنسية حول الحدث الإسلامي الذي يحتفل به المسلمون كل عام وهو الهجرة… كان ذلك في بداية العام الهجري الجديد… سألته عن ماهية الموضوع.
قال لها هذا لأنه قد مر عام 1339هجرية ونحن في بداية 1400هجرية …لكنها وجدت في نفسها حقدا علي تجمع المسلمين جميعا علي مناسبة واحدة كبني جلدتها ومن علي شاكلتها في كل مكان وزمان… ثم تهكمت بقولها : الآن عرفت أن المسلمين يعيشون في القرن الخامس عشر عصور الظلام…. وبالطبع أخذ الدكتور يشرح لها الفرق بين التاريخ الميلادي والهجري لكن التعصب حال بينها وبين أن تكون علي الأقل منصفة حيث أن النصاري لهم تاريخ ميلادي وهو من ميلاد السيد المسيح ويحتفلون به كل عام أيضا مع الأخذ بالاعتبار أنه لا يشك أحد في التاريخ الهجري بينما الميلادي فيه شك وتناقض تكلم فيه علماء ومتخصصو دراسات الأديان والتاريخ.
دروس الهجرة كعدد من هاجروا يعقلها كل منصف واعي وما يعقلها الا العالمون.
كل عام هجري أنتم بخير