الأدب والثقافة

المنافرة بين الفكر الثقافي والفكر الديني

المقال
………..
يثير حفيظتي جدا هذا التنافر العجيب والمصطنع بين الفكر الديني والفكر الثقافي.
فينظر رجل الدين الي المثقف علي انه ذكي مفتون بما يقرأه من كتابات غير المسلمين التي تحوي السموم العقدية والشبه الباطلة…. وينظر المثقف لرجل الدين علي أنه مسخ لأناس قد ماتوا من مئات السنين جاء بما من المفترض أنه قد مات معهم من القضايا والأفكار بل وطريقة التفكير… وأنه مجرد ناقل ببغاء جامد العقل متخلف رجعي الخ
في الوقت الذي يروجون فيه بأن باب الاجتهاد قد أغلق وما علينا وسط هذا التقدم الهائل والحياة التي تغيرت كلية عن السابق أيام الأئمة والتطورات التي طرأت وكل هذا ليس علينا الا ان نطبق فقه من ماتوا والذين لو كانوا أحياء في هذا الزمان لغيروا من آرائهم كثيرا جدا… من خلال التعمق في عقول اولئك الأئمة ستجد فيهم عقلا يسع فلاسفة يونان ولم يكن أبدا فكرهم حائلا دون حياة مجتمعية أفضل بالعكس لقد قدموا مااستطاعوه وما لو عدت لوجدت المسلمين أفضل حالا مما هم عليه في زمن التقدم وقرون التكنولوجيا والشبكة العنكبوتية… لكن العيب فيمن يترك استخدام العقل علي نهجهم ليفكر ويجتهد معتبرا بالواقع الذي يعيشه هو لا مايعيشوه هم!!!
وتري البعض ينادي بتطبيق نفس ماطبقوه هلي أساس أنه الضامن لحياة أفضل والدليل هو أن تقارن بين الأجيال وتلك حججهم!!!
وهنا سقط البعض في فهوة عظيمة تشبه فوهة بركان وهي :
أولا.. بدلا من أن تستغل العقل لتطويع النص للواقع أردت أن تطوع الواقع للنص وهذا قمة التخلف العقلي وسأشرحه لاحقا.
ثانيا… لأنك لم تفكر كيف كانوا يفكرون ويجتهدون فتجتهد علي دربهم بالأخذ في الاعتبار اختلاف العصرين وما طرأ علي الناس ورحت تنقل قصا ولصقا والحجة أن باب الاجتهاد مغلق وأن ضمان الحياة السوية في ظل الاسلام هو أن نفعل مثلما فعلوا ونعيش مثلهم… حتي يتبين لك دليل ذلك انظر الي الثياب والزي الذي يرتديه كل هؤلاء وكأنها فرقة سقطت من القرون الأولي تثير غرابة من يعيشون الواقع رغم أنني لست أدري ما السر وليس للاسلام زيا محددا!!!!
ثالثا… صدرت صورة سيئة لهذا الدين العظيم وأكرر رغم أنوف الحاقدين بأنه دين عظيم معصوم حتي وان شوه المسلمون دينهم وصدروا الصور السيئة مثل التطرف والارهاب والجمود والدعوي الي التخلف واقصاء العلوم التي تختلف في بعض مضامينها مع الاسلام خاصة الفلسفة واقصاء كل ماهو مختلف حتي اللفظة المختلفة دون النظر في المعني… فلا عجب ان ينظر المثقف إليك تلك النظرة وعنده حق!!
وأنت بدورك ستنظر إليه انه زائغ العقيدة لمجرد مظهره أو أسلوبه حتي وان لم يظهر ما يدل علي ما ظننته فيه… ستدعي أنك تعلم الغيب وستنتظر سقطاته التي ولابد!!!
هذه وجهة نظرك وتلك وجهة نظره ويضيع المجتمع والأجيال معها بسبب وجهات نظر مصطنعة فيها ادعاءات كثيرة…. فالمنافرة بين الفكرين مدمر للمجتمع ومفسد للقلب والعقل… ستجد رجل دين مثقف يحترمه الجميع لأنه أصاب الهدف لكن هل سيسلم من رجل دين آخر لا يري الا الآية والحديث وأقوال مأثورة كما لو كانت أقوال أنبياء ربما أصحابها أصحاب زهد وورع في زمن يصلح فيه الورع وهنا سؤال جانبي : هل زماننا يصلح الورع فيه ؟!!!!!
فكر جيدا.
الفكر الديني يلقي بروحانياته وأخلاقياته ويحسم قضايا مهمة لا خلاف فيها مقطوع بها فلا مجال للفلسفة في كنهها أعترف بذلك….
الفكر الثقافي يضفي عليك اتساعا في مدارك العقل وسعة في الفهم وقوة في الإدراك ولباقة في العرض ويهيئك للحديث المنطلق من الفكر الي الفكر ومن العقل الي العقل..
فكتابات العقاد وخالد محمد خالد ومصطفي صادق الرافعي وغيرهم لا شك قد انتصرت لقضايا وشخصيات اسلامية!!!!!
حتي لو لم تكن من علي منبر في مسجد او محاضرة من صاحب لحية وجلباب مع الاحترام لكل شعيرة اسلامية حتي وان كانت من فعل النبي كعادة قومه او كإنسان او كابن لبيئة لها عاداتها وتقاليدها…. طالما فعلها خير البشر صلى الله عليه وسلم.
نريد عقلا واعيا…. نريد مسلما يعيش حاضره لا حاضر غيره… يعيش واقعه لا واقع غيره….. فالدين ارتضاه الله لأن يكون صالحا مصلحا لكل عصر ومكان الي يوم القيامة… فكيف لو كان الدين جامدا أن يصلح لواقع متغير ؟!
وكيف لو كانت الشريعة كلها قولا واحدا بلا خلاف واجتهاد أن تنفع وتصلح لكل الخلق مع اختلافهم جزريا في كثير من شئون حياتهم ؟!!
فالداعي الي ان نطوع المتحرك للثابت هو لا شك متخلف جامد اذ يريد للمتحرك أن يثبت للنص….. ولكن الحق هو ان تبحث عن جديد في دينك ربما رأيا شاذا في عصر هو الوحيد الذي يصلح لعصر وزمن وهذا موجود بالفعل… فآراء ابن تيمية في الطلاق كانت شاذة وحورب عليها وسجن في عصرة لأنها كانت شاذة ثم جميع الحكومات العربية تعمل بها في قوانينها الآن والأمثلة كثيرة جدا.
أصلح الله المسلمين وفهمهم دينهم وأصلح لهم دنياهم وأخراهم

المصدر
صفحة الروائي محمداسماعيل

الروائي محمداسماعيل

كاتب قصصي وروائي مصري الجنسية
0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
الأكثر تصويتاً
الأحدث الأقدم
Inline Feedbacks
View all comments
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x