هل أنت مشهور يا صديقي؟
إن لم تكن فلا داعي لأن تأسى كثيرا؛ فهذا دليل على زيادة احتمالية كونك شخصًا لم يفقد عقله بعد, محترمًا, ويستحق التقدير!
كيف لا ونحن نعاصر حقبة من الزمن الشهرة فيها عادة ما تكون من نصيب السخفاء والتافهين الذين جعلوا من العادات والتقاليد أضحوكة، ومن الممارسات اليومية المعتادة مثارا للسخرية والتندر، كما من الدين وأتباعه وحشا يهمّ بابتلاع كل من يقترب، أولئك الذين يقتاتون على لملمة أخطاء الخلق وزلاتهم ومن ثم استعراضها بشكل ساخر لدغدعة متابعيهم الأكثر سخفا، ودفعهم للقهقهة دفعا!
أوَتعلمون. حتى و إن كان أحدهم هو الأسوأ على الإطلاق، فالحل لن يكون أبدا جعله عرضة للسخرية والاستهزاء, بل إنّنا في الحقيقة نزيد بذلك من جسامة الخطب وخطورة الوضع!
أو غير ذلك من عرض لمقالب لن تجلب سوى الوبال على فاعليها، بل وقد تمتد لتطول من لا ذنب لهم سوى معرفتهم بأصحاب المقالب أولئك، أو حتى القيام بتلك المسماة “تحديات” التي تستنزف من الأموال طائلها لغير هدف نبيل!
كن بذيئا، شذّ عن عادات مجتمعك، افعل شيئًا أبله، بذّر أموالك هنا وهناك، اضحك بفحش، سبّ واسخر من كل ذوي السلطة -الدينية أو السياسية على وجه الخصوص-، لا تنزل آلة التصوير من يدك على مدار اليوم حتى تصحب متابعيك إلى دورة المياة..
لا تحب التصوير والعمل على المقاطع؟
-ألّف كتابا واعمل على وصف عدد من المشاهد الجنسية بدقة وعمق، كما وأرِ قراءك الأعزّاء ما تملك من جرأة بتكرار تلميحات إباحية وألفاظ مسيئة للأدب العام، استعرض مشهدًا فاضحًا به أبطال يتبارون لمعرفة أكثرهم مجونًا وأقدرهم على إظهار الفسق والخلاعة, أو تحدّث مثلًا عن الجن والعفاريت واخلق لهم علاقات بعالم الإنس، وإن لم يرقك هذا ولا ذاك فاختلق أكاذيب تأريخية وادمجها ببعض الأساطير المعروفة ويمكنك تتبيلها بعدد محدود من الحقائق لتثير الفضول -لكن إيّاك ورفع نسبة الحقيقة- كما لا تنسى تشويه عددا من الشخصيات الجليلة التي كان لها قدرها واحترامها ذات يوم..
ومبارك عليك أيّها الصديق دخول عالم الشهرة!
افتح تطبيق (Youtube) الخاص بك وزر صفحات لم يحدث أن زرتها قبلًا, مثل الخاصّة بالدحيح، ايجيكولوجي، الاسبتالية، عنداوي، أو غيرهم من أمثالهم الذين لم نسمع بهم للآن.. أشخاص رغم مدى أهمية ما يقدمون وبذلهم قصار الجهد في سبيل إفادة مجتمعهم, فأقصى ما وصل له أحدهم 250 ألف مشترك، وبعضهم الآخر لم يصل حتى لل2000 مشترك!
*هؤلاء دليلي على عدم قابلية ما ذكرته للتعميم، ولكنّي للأسف كنت أتحدث عن الأغلبية الكاسحة في مجتمعنا العظيم*
بينما ومن المؤسف جدا أن آخرين من أولئك الذين ينبطق عليهم ما ذكرنا مسبقا -لا نحتاج هنا لذكر أسماء؛ فهم عن التعريف أغنياء- قد يصل متابعي بعضهم لل3 وال4 ملايين!
…ألم أخبرك بداية أن انعدام شهرتك ليس إلا شيئا من شأنه جلب الفخر لك.
لا بأس في سعيك لأن تكون مشهورا؛ فالشهرة بحد ذاتها ليست هدفا مهينا –بالرغم من أنّها يجب ألّا تكون هدفًا بحدّ ذاتها منذ البداية, فإن خلفت عملًا عظيمًا بالمصادفة حسنت وارتقت بمحققها-، المهانة كل المهانة تكمن كليًّا في بعض الوسائل التي قد تستخدمها خلال سعيك لتحقيق ذاك الهدف, فمخطئٌ كلّ الخطأ ذاك الذي قال يومًا أنّ الغاية تبرّر الوسيلة.. فلتجعل أنت لوسائلك مستوى من الرفعة من شأنه رفع مستوى غايتك تلك وإضفاء المزيد من البريق عليها بعد تحقيقك لها, ولتتذكّر أنّه كلما تعسّر الوصول لأمر مبدئيًّا كلّما ازدادت السعادة بحدوثه في النهاية.
أثِر الانتباه، ابتكر أساليب جديدة في التقديم، حدّد المجال الذي تحب واحصر قدراتك المتعلقة به ومن ثمّ اعمل على المزج لإخراج خليط مبهر وغير مألوف, تعرّف على احتياجات المحتوى الإلكتروني بالنسبة للمجال الذي تنوي الخوض فيه واعمل على تعويض ما ينقصه، والأهمّ تحدث للجميع بأسلوب يفهمه الجميع..
باختصار: قرّر خوض المغامرة واعمل على إثبات عكس ما سبق –بجمع عدد أكبر من المهتمّين والمتابعين رغم جديّة وأهميّة القضيّة المطروحة-.. كلّ ما عليك فعله هو تقديم شيء مختلف بطريقة مختلفة، ومن يدري قد تتمكّن يومًا من كسر المألوف لتكون في عداد الشواذّ عن القاعدة!
عندك حق وانا كثيرا ما تكلمت في هذا الموضوع بأن الشهرة متعلقة بالسواد الأعظم من الجمهور فاذا كانوا يهتمون بشيء سيشتهر من قدم لهم هذا الشيء من دافع مايطلبه القراء وهذا لا يكون صحيحا في الأدب ان تكتب المحتوي المستهلك…. ولكن تكتب ماتريد أن تقوله أنت.
الخلاصة فالناجح هو من يعمل بجد دون الاهتمام بمن قرأ ومن لم يقرأ حتي لا يقوده لأن يقدم المستهلك فيفقد قضيته ومبدأه.