كيف يمكن للحكومة أن تخرج من مأزقها…!
عاهد الدحدل العظامات
هذه المرة الإولى التي اُشفق فيها على حكومة اردنية تمرُ في مرحلةٍ فارقة ومأزق ليس من السهل عليها أن تتجاوزه دون خسائر أو حتى تنازلات, لا لأني متفائلاً بما يُمكن لها أن تُقدم لمصلحة الوطن, وليس لإيماني بأنها مُختلفة في النهج عن غيرها, فها هي الـ100 يوم تمضي كلمحِ البصر ولم نلمس ثمة ما يجعلنا أكثر إطمئناناً على ما هو قادم بل لم نرى على أرض الواقع شيء مما وعدت به, رغم أنها تتحدث عن ثمة إنجازات تحققت خلال الفترة, فلا يهمني كثيراً إذا تم حل مشكلة بركة الببسي, ولا يعنيني إن أخذت الحكومة “سلفي” مع الخرفان وإطمأنت على حالها, ما هو همّي اليوم كمواطن اردني هو كفّ يد الحكومة عن جيبي, وتوفير حياة كريمة لي, لكن على ما يبدو أن “كريمة” قد ماتت منذ زمن طويل ولا زلنا ننادي بها.
مثل هذه المواقف تُبين لك صلابة الدولة وقوتها من هشاشتها وضعفها فعلى ما يبدو وكما جاء على لسان الحكومة من إعتراف مسفتز” لكبرياء الاردنيين” أن من يضع سياسات وخطط وبرامج الدولة” الإقتصادية” على وجه الخصوص هو بنك الدمار الدولي, وأصفه بأنه مُدمر لأنه لم يتدخل في شأن دولة إلا وقد أفسد إقتصادها وزعزع أمنها بما يرسمه للدول من إستراتيجيات إقتصادية تُعمق الخسائر وتُسرّع من حالة التردي إلى حد الإنهيار, هو سلاح غربي بإمتياز لتدمير الدول التي ما زالت آمنة, لكن تكمن المكيدة والخدعة في أن الصندوق بإعتبار دول العالم هو ” المُقرض” وصاحب “حق” فليس من حق أحد أن يلومه إذا ما وضع قرارات قاسية وتدخل في شوؤن الدول المُستدينة منه, بذريعة أنه يُمارس دور القائد الإقتصادي ليحفظ حقه لا أكثر, وهو إعتبار شرعي والجاهل من ينكر أن من حقه أن يحفظ حقه في إسترداد أمواله من خلال تدخله فيما يخص المجال الإقتصادي للدول التي لم يعد أصلاً يثق بحكوماتها ووعودها في تطبيق برامج إقتصادية صحيحة وسليمة.
لكن ما علينا أن نسأله اليوم وقد طرحناهُ مراراً لكننا لم نجد إجابة: من أوصلنا لهذه المرحلة التي جعلت صندوق النقد الدولي ينقض علينا ويُضيّقها من كل النواحي؟ من الذي جعل الصندوق يستقوي على سيادتنا وهو صاحب الحق بينما نحن أصحاب “الدولة” نقف ضعّاف متفرجين أمامه, وأقصد الحكومة التي هربت لجيوب الشعب لتُلبي قسراً المطالب وتُنفذ الأوامر, مُعتقدة أن الشعب سيكون مُرحباً ومُباركاً وقابلاً أن يكون الضحيّة من جديد.
لستُ ألوم هذه الحكومة مع تحفظي على ترآخيها في الآونة الأخيرة حيال العديد من القضايا وأهمها محاربة الفساد وتحصيل ما سُرق من الوطن, لكن في المقابل فإني اُعاتبها على قبولها أن تدخل معركة هي الخاسر الوحيد والأبرز في ساحتها, فإن حابت الصندوق ورضخت لشروطه وآوامره, فستتلقى صفعة قوية من يد الشارع الذي ينتظر الشرارة حتى يشتعل, وإن إصطفت لجانب الشعب فلن يرحمها الصندوق وسيُضيّق الخناق على إقتصاد الوطن, وحتى لو أنها إختارت أن تُلقي العاتق على غيرها وتنفذ بكرامتها وتستقيل… فإنها سترتكب جُرماً كبيراً لن يغفره التاريخ الاردني في حق كل المُتفائلين عندما تطعنُنا بسكين الخذلان… لأن الوقت ضيّق جداً وما عاد يحتمل الصبر أو حتى يتسع للإنتظار.