كيفية تشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)
يُعد اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (Attention Deficit Hyperactivity Disorder – ADHD) من أكثر الاضطرابات العصبية النمائية شيوعًا لدى الأطفال، وقد يستمر مع بعض الأفراد إلى مرحلة المراهقة والبلوغ. ورغم انتشاره، إلا أن تشخيصه ما زال يحيط به كثير من الالتباس، حيث يخلط البعض بينه وبين النشاط الزائد الطبيعي أو قلة التركيز المؤقتة.
في هذه المقالة سنشرح كيفية تشخيص اضطراب فرط الحركة، ومن المسؤول عن التشخيص، وما المعايير المعتمدة، والأدوات المستخدمة، والفروق بين السلوك الطبيعي والاضطراب، مع التأكيد على أهمية التقييم المتخصص.
ما هو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه هو حالة عصبية تؤثر في قدرة الشخص على:
- التركيز والانتباه
- تنظيم السلوك
- التحكم في الاندفاع
- الجلوس بهدوء لفترات مناسبة للعمر
ولا يُعد اضطرابًا سلوكيًا ناتجًا عن سوء تربية أو عناد، بل يرتبط بوظائف الدماغ والتنظيم العصبي.
متى يُشتبه بوجود اضطراب فرط الحركة؟
يبدأ الاشتباه عادة عندما تظهر سلوكيات متكررة ومستمرة مثل:
- صعوبة التركيز لفترات مناسبة للعمر
- نسيان التعليمات والواجبات باستمرار
- حركة مفرطة وغير مناسبة للموقف
- التحدث أو المقاطعة دون انتظار الدور
- صعوبة الالتزام بالقواعد
لكن من المهم التأكيد أن وجود بعض هذه السلوكيات لا يعني بالضرورة وجود اضطراب، فالتشخيص يعتمد على معايير دقيقة.
من المسؤول عن تشخيص اضطراب فرط الحركة؟

تشخيص اضطراب فرط الحركة لا يتم من خلال اختبار واحد أو ملاحظة عابرة، بل يجب أن يتم على يد مختصين، مثل:
- طبيب نفسي للأطفال
- طبيب أعصاب
- أخصائي نفسي إكلينيكي
- أحيانًا فريق متعدد التخصصات
ولا يُنصح أبدًا بالاعتماد على التشخيص الذاتي أو المعلومات المنتشرة على الإنترنت فقط.
المعايير الأساسية لتشخيص اضطراب فرط الحركة (ADHD)
يعتمد المختصون على معايير علمية معترف بها عالميًا، ومن أبرزها:
1. استمرار الأعراض
يجب أن تستمر الأعراض لمدة لا تقل عن 6 أشهر، وأن تكون غير مناسبة لمستوى النمو العمري.
2. الظهور في أكثر من بيئة
يجب أن تظهر الأعراض في مكانين أو أكثر، مثل:
- المنزل
- المدرسة
- الأنشطة الاجتماعية
فإذا ظهرت السلوكيات في بيئة واحدة فقط، فقد تكون مرتبطة بعوامل بيئية أو نفسية أخرى.
3. تأثير الأعراض على الحياة اليومية
لا يُشخَّص الاضطراب إلا إذا كانت الأعراض:
- تؤثر على التحصيل الدراسي
- تعيق العلاقات الاجتماعية
- تسبب صعوبات واضحة في الأداء اليومي
4. استبعاد الأسباب الأخرى
يجب التأكد من أن الأعراض ليست ناتجة عن:
- القلق أو الاكتئاب
- صعوبات التعلم
- مشكلات سمع أو بصر
- ضغوط نفسية أو أسرية
أنواع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
يساعد تحديد النوع في دقة التشخيص وخطة الدعم:
1. النمط الذي يغلب عليه تشتت الانتباه
ويظهر غالبًا في صورة:
- صعوبة التركيز
- النسيان
- تشتت الذهن
- ضعف التنظيم
2. النمط الذي يغلب عليه فرط الحركة والاندفاع
ويتميز بـ:
- حركة زائدة
- صعوبة الجلوس
- اندفاع في الكلام أو التصرف
3. النمط المشترك
وهو الأكثر شيوعًا، ويجمع بين أعراض تشتت الانتباه وفرط الحركة.
الأدوات المستخدمة في تشخيص اضطراب فرط الحركة
1. المقابلات الإكلينيكية
يجري المختص مقابلات مع:
- الطفل أو المراهق
- الوالدين
- أحيانًا المعلمين
وذلك لفهم السلوك عبر الزمن وفي بيئات مختلفة.
2. الاستبيانات والمقاييس السلوكية
تُستخدم استبيانات معيارية يجيب عنها الأهل والمعلمون لتقييم شدة وتكرار الأعراض.
3. الملاحظة المباشرة
قد يلاحظ المختص سلوك الطفل أثناء الجلسات أو في البيئة التعليمية إن أمكن.
4. التقييم النفسي والمعرفي
في بعض الحالات، تُجرى اختبارات لقياس:
- الانتباه
- الذاكرة
- القدرات المعرفية
وذلك لاستبعاد صعوبات أخرى.
تشخيص اضطراب فرط الحركة عند المراهقين
قد يكون التشخيص في مرحلة المراهقة أكثر تعقيدًا بسبب:
- تغير شكل الأعراض
- انخفاض الحركة الظاهرة
- زيادة صعوبات التنظيم والانتباه
لذلك يعتمد المختصون على التاريخ السلوكي منذ الطفولة، وليس السلوك الحالي فقط.
تشخيص اضطراب فرط الحركة عند البالغين
بعض الأفراد لا يُشخَّصون إلا في سن الرشد. في هذه الحالة:
- يجب وجود دلائل على الأعراض منذ الطفولة
- تُقيَّم الصعوبات الحالية في العمل والعلاقات
- يتم استبعاد الاضطرابات النفسية الأخرى
أخطاء شائعة في تشخيص اضطراب فرط الحركة
- الخلط بين النشاط الطبيعي والاضطراب
- الاعتماد على رأي واحد فقط
- تشخيص سريع دون تقييم شامل
- تجاهل العوامل النفسية أو البيئية
أهمية التشخيص المبكر والدقيق
التشخيص الصحيح يساعد على:
- فهم الطفل بدلًا من لومه
- اختيار أساليب تعليم ودعم مناسبة
- تحسين التكيف النفسي والاجتماعي
- تقليل المشكلات الدراسية والسلوكية
ماذا بعد التشخيص؟
بعد التشخيص، يضع المختص خطة دعم قد تشمل:
- إرشاد أسري
- تعديلات تعليمية
- تدريب مهارات الانتباه والتنظيم
- متابعة نفسية دورية
ويجب التأكيد أن التشخيص لا يعني الفشل، بل هو خطوة للفهم والدعم.