فهمت الدرس

قصة بقلم / احمد سيد عبدالغفار

فهمت الدرس

أشعر أن الطریق خالى من السیارات. اسیر علیه وحدى وھذا ما جعلنى أقود بجنون وأنا مندمج مع الھاتف أتحدث مع تلك الفتاه الساذجة التى تعرفت علیها منذ شھور, انھا ساذجة جدا تعتقد أنى أحبھا وانى سأتزوجھا بعد انتھاء الامتحانات فأنا وھى فى آخر سنة فى تلك الكلیة المشئومة تعرفت علیھا ولعبت علیھا لعبة الحبیب المخلص فأنا اعرف من مثلھا لاتصاحب الشباب تعتقد اننى قررت الالتزام والاعتدال فى حیاتى, غبیة لاتعرف أنى سئمت من فتیات الجامعة الأشبه بالمھرجین من كثرة مساحیق التجمیل, ھم أغنیاء بالفعل ولكنى لا أحتاج لأموالھم فعندى ما یكفى ولكنى مللت منھم لا أكذب علیكم لقد مارست الجنس مع بعضھم ولكن المتزوجین فقط فأنا حریص على ألا أقع فى مشكلة تجعل والدى یغضب منى فأنا احتاج لأمواله اكثر من حبه لى ولا أطیق أن یأخذ منى سیارتى محبوبتى فأنا لا أستطیع العیش بدونھا.
أنھیت حدیثى معھا بعد احتمالى لأخر خمس دقائق التى تحتوى على النصائح مثل “ارجوك حبیبى حافظ على الصلاة ولا تدخن فصحتك أھم” ألقیت الھاتف بجانبى وأخرجت زجاجة البیره لكى استكملھا, أشرب بتمھل وانا أستمع لموسيقى الراب الایقاع الذى یجعلك تحطم زجاج سیارتك, ابتسمت سخریة منھا وأنا اتخیل وجھھا عندما اخبرھا انى لن اتزوجھا, ماذا سیحدث لھا؟ ستبكى یومین أو ثلاثة وبعدھا ستوافق على قریبھا الذى یحبھا من صغرھا, أنا لا أتاكد من حدوث ھذا ولكنھا الأفلام لعنة الله علیھا, أخذت أفكر وأتذكر مغامراتى السابقة وأشعر بالفخر, لا أتذكر عدد الفتیات التى قلت لھم أنى أحبھم ولكنى لم أكن أتخیل أن انطقھا لفتاه محجبة لكنى فعلتھا والحمقاء صدقتنى ولم لا؟ فھى فتاه مثلھم لكنھا مختلفة, لم تجعلنى ألمسھا حتى الآن. لا یھم, سأنال منھا ما استطیع قبل انتھاء الامتحانات وبعدھا أعود لصدیقاتى القدامى. أخذت أفكر حتى شعرت بصداع شدید كاد أن یفجر رأسى, ألقیت بزجاجة البیره من النافذة وقمت بتھدئة السیارة. لایمكن أن أقود وأنا فى تلك الحالة ولكنى تمالكت نفسى حتى وجدت مبنى قریبا ذھبت الیه, انه فندق قررت المبیت فیه اللیلة, أغلقت سیارتى ودخلت إلى موظف الاستقبال وطلبت منه غرفة لیوم واحد
فطلب منى الجلوس قلیلا وطلب لى قھوهة فشكرته وجلست اتناولھا لحین الانتھاء من تحضیر الغرفة, كنت أتناولھا وأنا أسند رأسى بیدى, شعرت أن الصداع قد ھدأ كثیرا فرفعت رأسى وجدت امرأة تجلس بجانبى, نظرت الیھا باستغراب لأنھا كانت تنظر لى وتبتسم, امرأة لا یمكن وصفھا الا بأنھا إعصار من الأنوثة وجھھا مستدیر أبیض كأنه القمر, شعرھا اسود ناعم طویل یتزینه خصلات حمراء, عینیھا سوداء كحیلة وواسعة رموشھا طویلة, كانت عینیھا كعیون الساحرات تشع اغراء وفتنة, أنفھا مدبب وأنیق. عندما نظرت الى شفتیھا سال لعابى. تفحصت جسدھا ولك أن تتخیل كیف یكون الجسد لھذا الجمال, تفحصت التضاریس المغریة فى جسدھا فبالطبع ھذا النوع من النساء لا تخفى جمالھا وتھتم جدا بظھوره. لم اجد كلام ابدأ به معھا لكنھا باغتتنى
-ھل انت ھنا لیوم واحد؟
-نعم فأنا مسافر وسأستكمل سفرى غدا
-ھل تریدھا لیلة عادیھ ام لیلة لن تنساھا؟
-بالطبع لا ارید نسیانها ان كنتى معى
-سأكون معك بالطبع ان كنت ستدفع جیدا
-ھذا سیتوقف على خدماتك
-خدماتى ستعجبك جیدا
٠٠جاء الى الموظف وأعطانى المفتاح وعلیه رقم الغرفة, قامت وذھبت معى دون اعتراض أحد, اندھشت لذلك, ھل ھذا عادى فى ھذا المكان؟ لا یھم, الذى یھم ھو امتلاكى لكل ھذه الانوثة المتفجرة اللیلة. دخلنا سویا واغلقت الغرفة. لا اھتم لأثاث الغرفة, نظرت فقط الى السریر الذى سیشھد معركتى الشرسة معھا والتى اتمنى ان افوز بھا. كانت واقفة امامى, اعطتنى ظھرھا وقامت بخلع فستانھا وعندما انحسر عند قدمیھا تجمدت مكانى فقد كانت مثل یوم ولادتھا.
یا الھى ما ھذا الجسد وما ھذا التناسق جسد عندما یتحدث تنصت له الأذان بل وتقف له احتراما وتجلیلا. شعرت ان كل شئ فى جسدى قد توقف, تملكتنى الاثاره سحقا للمنشطات لا حاجة لى بھا الآن فأنا اشعر انى فى حالة جیده جدا, استدارت لى وھى تضع كلتا یدیھا على صدرھا وتنظر لى بأغراء. اتوسل الیكى ان ترفعى یدك وتكشفى عن أجمل كنوزك, أجمل ما اعشقه فى المرأة فأنا استطیع أن اسمع دقات قلبك وانا غارق فى بحرھما واستمتع جدا بذلك. كانت تنظر لى فى تحدى كأنھا تقول لى اخرج ما عندك اخرج سیفك من غمده وبارزنى ان كنت تستطیع. اقتربت منھا بعد قبولى التحدى, شعرت بأثاره شدیده لأن ھذا مختلف عما كان من قبل, من الواضح انھا ستكون لیلة ناریة لا تنسى فعلا. كنت اقترب منھا ببطئ وانا التھمھا بعینى ولعابى یسیل وھى ترجع للخلف ببطئ وتلك النظرة فى عینیھا نظره تحدى وقفت مكانى ومددت لھا یدى لكنھا ظلت ترجع للخلف حتى اسندت ظھرھا للحائط بجانب خزانة الملابس. كان ھذا الركن من الغرفة مظلما, نادیت علیھا فلم ترد. امعنت النظر فى الظلام فلاحظت شیئا غریبا ھل عینیھا اصبحت حمراء ام خیل لى؟ تفحصت جیدا لم یخیل لى. انھا بالفعل حمراء توجست خیفة فى داخلى وھدأ جسدى كثیرا عما كان قبل قلیل نادیت علیھا ومرت دقیقة دون رد, تقدمت خطوة ناحیتها وتقدمت ھى نحوى وخرجت الى النور ویا ھول ما رأیت. ابشع وجه ممكن ان تراه, عیون حمراء كأنھا جمر ملتھب, شعرھا تحول لسلك شائك, جسد مشوه لاتستطیع تحدید معالمه وجه لا یمكن وصفه من بشاعته. توقفت كل وظائف جسدى حتى التنفس كاد ان یقف لا استطیع الصراخ تقطعت كل احبال صوتى جفونى لا تجرأ على النزول اصبحت مثل رجل الجلید متجمدا مكانى. دفعتنى فى صدرى فاصطدمت بالحائط وغرزت اظافرھا فى ضلوعى, لا لیست اظافر انھا مخالب مثل القطط لكنھا اطول كان وجھھا مقابل وجھى, لا اعلم ھل انا اصرخ ولكنى لا اسمع صوت صراخى ام انى لم استطیع الصراخ اصلا. بدأت تتحدث وكان صوتھا مثل فحیح الثعابین:
-ھل تریدنى ایھا الوسیم؟
تستطیع ان تنالنى وانا على حقیقتى ھل ترید ان تعرف من انا ؟ انا جنین تكون من افكارك الخبیثة وتغذى وكبر من افعالك الدنیئة, انا ھو انت ولكن من الداخل فأنت مسخ بداخلك لقد وعدتك بعرض لن تنساه وانا عند وعدى ثم تركتنى لكى اسقط جالسا على الارض ممدا قدمى واسند راسى على الحائط لا استطیع الوقوف بل لا استطیع الصراخ من شده ضعفى ٠
وقف ھذا المخلوق فى وسط الغرفة واخذ یدور حول نفسه بسرعة رھیبة وانا أنظر الیه لا استطیع تحریك وجھى او اغماض عینى اخذ یدور الى ان اصبح مثل دوامة رأیت داخلها وجوه كثیره تظھر وتختفى لفتیات اشعر انى اعرفھم ھل ھؤلاء زمیلاتى ام من ضحكت علیھم ومثلت علیھم الحب. لا استطیع التمییز وكنت اسمع اصوات كان بعضھا واضحا انه صوتى وانا اتحدث معھم بدا كأنه فیلم تسجیلى لذنوبى مع الفتیات. كانت حیاتى معھم كلھا كذبا لم اكن صادقا معھم یوما ٠ھل ستتم محاسبتى اللیلة؟ ھل ھذا المسخ ھو من سیحاسبنى؟ ام انه فات وقت الحساب والان ھو وقت العقاب؟ ھل ھذا المسخ ھو نتیجة افعالى؟ ھل من صنعته ھو من سیحاسبنى؟ اشعر انى فى الجحیم توقف المسخ عن الدوران واقترب لى ومن وجھى كادت حراره وجھه ان تحرقنى لكنى لا استطیع الحركة, اخذ یتأملنى قلیلا ثم قال:
–ھل انت فخور بنفسك الآن یا ھذا؟
بماذا كنت تشعر عندما تخدع فتاة؟
ھل جاء فى رأسك انھا كانت تقضى لیالى تبكى بسببك وتدعو علیك ومنھم من فقد الثقة فى أىة أحد حتى ان كان صادقا؟ لم تفكر انه من الممكن ان تفقد احداھم حیاتھا أو یضیع مستقبلھا وستظل ذكراك مصدر تعاستھا؟ انت ملعون حتى فى الجحیم وان الشیاطین نفسھا تشمئز منك. سوف اتركك لأنى تقززت منك فرائحة دمائك نتنة وانت تعرف ما علیك فعله لكى تكفر عن خطایاك٠
اختفى المسخ من الغرفة و دبت الحیاه فى جسدى, وقفت وأنا لا أصدق ان قدمى تحملنى وضعت یدى على صدرى لم اجد دماء بل قمیصى كما ھو لم یصیبه سوء كشفت عن جسدى فلم اجد الا علامات حمراء مثل الخدوش فتحت باب الغرفة وھرولت مسرعا ونزلت السلالم فى جنون وخرجت من الفندق دون النظر او الاھتمام بأحد لا اعلم كم قضیت من الساعات داخله. ركبت سیارتى واخذت اقود بسرعة كمن یھرب من شئ یطارده, لا اعلم این اذھب لقد نسیت اتجاھى انا بالفعل تائه. اقود
وحسب اخذت افكر فیما حدث ھل كان ھذا تنبیه؟ ام عقاب؟ ام ان المسخ كان یعطینى درس فى الاخلاق؟ لقد كان المسخ محقا لقد كنت فى قمة الندالة وقمة الانحطاط, وھل یوجد اسوء من التلاعب بمشاعر وقلب انسان؟ لقد فھمت الدرس ایھا المسخ وفھمت ایضا ماذا على ان افعل لكى اكفر عن ذنوبي.
قمت بتدویر عجلة القیادة بسرعة فخرجت السیاره عن مسارھا, لم اھتم بالسیاره التى طارت فى الھواء من فو ق الكوبرى تركت نفسى لمصیرھا اتمنى الا اذھب للجحیم لم اشعر باصطدام السیاره فى الماء او تھشم الزجاج الذى شوه وجھى, السیاره تغرق ببطئ لتجعلنى لحظات على قید الحیاه لكى اعتذر لكل من خدعتھم:
“ارجوكم سامحونى انا اعلم انكم ستشفقون على عندما تعلموا بموتى ولكنى ارید المسامحة بجانب الشفقة. اعلم ان ھذا صعب لأنى لا استحق المسامحة ولكن ارجوكم انقذونى من الجحیم نعم لقد كنت مغرورا بوسامتى واموالى لقد اتخذت ھذه النعم مفتاحا للجحیم لم اكن یوما سوى شاب اقل ما یقال عنه انه لا یشبه الرجال فى شئ وانتى ایتھا البریئة النقیة لقد انقذك المسخ من مخالبى سامحینى ایتھا البریئة فأنتى الوحیده التى ستحزن على بصدق لانك لا تعرفى حقیقتى ارجو من االله ان تنسینى سریعا وارجو االله ان یسامحنى لقد عشت حیاتى غبیا غافلا وعندما فھمت علمت انه الخلاص لا مجال للرجوع لا مجال لتصحیح الاخطاء ٠٠
-لقد غمرنى الظلام التام الماء یصعد رویدا الى ان وصل الى رقبتى دون محاولة منى لفعل شئ, نظرت فى المرآة لأرى وجھى قد شحب لونه وعیناى احتقنا بالدماء ورأیت المسخ یجلس خلفى ویبتسم لى ببشاعة, ابتسمت له بسخریة:
-لا داعى لأن اخاف منك الان لقد اعطیتنى درسا وفھمته فشكرا لك فأنا وأنت سنصبح أصدقاء فى الجحیم.
تمت

Exit mobile version