دردشة مع الباحث محمد الأمين بحري

منشورات الاختلاف
بشير مفتي

هناك فراغ رهيب في المنجز النقدي العربي حول المنهج الأسطوري

في إطار التعريف أكثر بالأعمال الأدبية والفكرية التي تصدرها منشورات الاختلاف يسرنا أن نقدم لقراء الصفحة هذه الحوارات القصيرة مع كتابنا حول آخر أعمالهم
اليوم مع الباحث والناقد محمد الأمين بحري حول كتابه النقدي الجديد
“الأسطوري” التأسيس والتجنيس والنقد .

منشورات الاختلاف:
لماذا هذا الكتاب حول النقد الأسطوري وما أهميته في اللحظة النقدية الراهنة؟

محمد الأمين بحري:
لقد لا حظت منذ عدة سنوات حضوراً طاغياً للمناهج الحداثية وما بعد الحداثية، ولكن كلها تكرر بعضها بشكل نمطي،إلى درجة صارت الدراسات تناسخا في الإجراء والنتائج مهما اختلفت النصوص، وهنا تبادر إلى ذهني ترى أين اختفت المناهج المحايثة؟ تلك التي تصدر عن النص نفسه، لا تلك القوالب الإجرائية التي تطبق عليه من الخارج، وتحديداً أين اختفت أساطير الأدب في تلك المناهج، أم أن النقد صار يتجنب الأسطورة الأدبية لعدم القدرة على الإحاطة بها معرفياً ومحاورتها إجرائياً، في النصوص؟ وإن وجدت فلا يتعدى وجودها المنهجين الأسلوبي كتناص، والسيميائي كعلامة، بينما هناك فراغ رهيب في المنجز النقدي العربي حول المنهج الأسطوري المحايث الذي يستقرئ تجليات الأسطورة الأدبية في المكنون النصي قبل البناء والعبارة، فكان أن التزمت بجمع ما أمكن من عدة نقدية في هذا المنهج الحداثي في استنطاق الأسطورة الأدبية في أي نص مهما كان زمنه ومكانه. وخلصت جهودي إلى هذا البحث التأصيلي للظاهرة الأسطورية في الأدب نظرياً وإجرائياً وتطبيقياً على نصوص شعرية ونثرية في القصة والرواية و الشعر .

منشورات الاختلاف:
هل تعتبر النقد الأسطوري منهاجا صالحا لليوم لفهم النصوص وتفكيكها من الداخل؟
محمد الأمي بحري:
من البديهي أن الأدب صناع أساطير منذ نشأته، ‘ذ لم تنقطع الأساطير يوماً عن المخيال الإنساني المبدع، ببساطة لأنها لا تخص الإنسان الأول فقط كما يتوهم الكثيرون، بل لا تنتمي لزمن محدد لا للماضي ولا للحاضر ولا للمستقبل، بل هي ظواهر ملازمة للجنس البشري، ولدت معه ولا تنتهي إلا مع آخر إنسان لذا فيه ترافقه في كل زمن ومكان. و الإشكال الذي نطرحه هنا: لماذا كف النقاد عن استقصاء الأسطوريات في النصوص الأدبية وتركوها للأنثروبولوجيين، والمفكرين في مجالات إنسانية مجاورة؟
-هل كف الأدب عن إنتاج الأساطير؟ وهذا من المستحيلات طبعاً، لأن الخلل نقدي بحت، نظراً لإكراهات معرفية معينة جعلت النقاد يتفادون الخوض في الأسطوري، ويتكأكأون على مباحث موضوعية يسيرة ومناهج رجراجة متداولة خاصة في النقد الأكاديمي المرتبط زمنياً بشهادات وترقيات ومناصب…الخ. أفرغت النقد من محتواه.
وهكذا جاء منهجا التحليل والنقد الأسطوري لاستخراج ومحاورة واستكشاف العوالم الأسطورية التي يقدمها الأدب والأديب سواء بصورة شعورية أو لاشعورية. وما على النقد إلا تجديد وسائله ومعارفه للإحاطة بالزخم الأسطوري في هذه القارة الأسطورية البكر التي تسمى الإبداع الأدبي.

منشورات الاختلاف:
ماهي الإضافة والفائدة التي يقدمها هذا الكتب للقارئ الجزائري والعربي؟
محمد الأمين بحري:
لعل هذا الكتاب يقدم مباحث تأصيلية في ماهية الأسطوري (الأسطورة في الأدب) عبر مختلف تجلياته، كما يستأنف جهود علماء النقد الأسطوري بعد ما جمعها وعدد اتجاهاتها المنهجية، كما يواصل تقصي مسارات ومظان الأسطورة في جميع الأجناس الأدبية التي بحثها، كما قدم-لتعميق هذا المبحث النقدي (المهجور عربياً لاتساعه المعرفي وصعوبته)- مقاربات تطبيقية لاستخراج متعدد الأساليب لمظاهر الأسطورة من نماذج من الشعر والقصة والرواية للقارئ العربي. عموماً وللمهتم بالتحليل النقدي للأسطوريات الأدبية خصوصاً.

Exit mobile version