تلخيص رواية (السيميائي)

للكاتب البرازيلي باولو كويلو

وليد سميح عبدالعال

 

(بدء)

ينشغل كويلو في أعماله بالأمور الروحانية والكونية التي قد تشترك فيها كثير من الثقافات والحضارات، ولعل ذلك هو ما أعطاه العالمية، وجعل رواياته تترجم إلى لغات متعددة بصورة لم تتحقق لكثير من الكتَّاب في العالم.

 

رواية السيميائي من الشهرة بمكان، وهي نموذج معبر عن الفكرة الهاجسة في أعمال كويلو وهمه الملح، مع وجود الملحمية والرحلة التي هي موجودة في أعمال أخرى له،ومن الطريف أن نذكر أن ناشر السيميائي أول مرة كان مترددًا في نشرها بعد أن قرأها، ولكن بعد أن فعل، كُتِبت لها هذه الشهرة الكبيرة في العالم كله.

 

(تلخيص الرواية)

نام الراعي سانتياجو في كنيسة مهجورة بعد أن أدخل أغنامه ونصب عدة ألواح خشبية ليمنعها من الهرب.

 

استيقظ في الصباح وأيقظ أغنامه، مناديًا إياها بأسمائها، فقد كان يكلمها كثيرًا، ولم يكن عنده شك في أنها تفهمه، وكان يقرأ عليها مقاطع مما يقرؤه، وفي الآونة الأخيرة كان يتكلم معها عن فتاة في المدينة التي سيصل إليها بعد أيام، وهي ابنة أحد تجار الصوف.

 

تذكر ذلك اليوم حين كان عند التاجر وظل يتحدث مع الفتاة طويلًا، حتى تمنى ألا ينتهي اليوم، وجاء التاجر ليطلب منه أن يجز صوف أربع أغنام، وأعطاه أجره، وطلب منه أن يعود في السنة التالية،كان يقترب من المدينة ويتذكر الفتاة ويتساءل: هل نسيته؟!

 

تذكر الراعي أباه حين كان صغيرًا يحدثه ويعلمه ويربيه، تعلم اللاتينية والإسبانية واللاهوت، ولكنه كان يريد أن يعرف العالم، ويجوب البلاد، فقال الأب: إن هذا يحتاج للمال، أو يكون المرء راعيًا حتى يستطيع السياحة في البلاد، فقال الفتى: فلأصبح راعيًا،في اليوم التالي جاءه أبوه بصندوق فيه عملات إسبانية، وقال له: اشترِ بها قطيعًا، واضرب في الأرض، إلى أن يأتي اليوم الذي تعرف فيه أن قصرنا هو أحق القصور بعنايتك، وأن نساءنا هن أجمل النساء!

 

كان سيصل إلى تاريفا بعد فترة قصيرة، وكانت هناك عجوز غجرية عزم على أن يذهب إليها ليسألها عن تفسير حلمه المتكرر..لما وصل إليها حكى حلمه،كان عن صبي صغير جاء ليلعب مع شياهه ثم أخذ بيده واقتاده حتى أهرام مصر، وقال: لو جئت هنا ستجد كنزًا مخبوءًا، وكلما أراد أن يدله على مكان الكنز يصحو من النوم،قالت العجوز: إنك إذا ذهبت إلى أهرام مصر فستجد الكنز، ولن أطلب أجرًا الآن، بل أريد عشر الكنز، وجعلت الشاب يقسم على ذلك.

 

قرر الراعي ألا يصدق ذلك، وذهب ليبادل كتابه بكتاب أكبر حجمًا، وجلس ليقرأ، وحين بدأ يحس بروعة ما يقرأ وجد عجوزًا يجلس جواره ويحادثه ببساطة، وأخبره بعد ذلك أنه ملك مدينة (سالم)، وأخذ يحدثه عما ينبغي أن يفعله حتى يصل إلى حلمه ويحقق أسطورته الذاتية، لكنه طلب منه أن يأتيه في الغد بعشر غنمه حتى يعلمه كيف يصل إلى الكنز المخبوء، ثم اختفى في واحدة من زوايا الميدان.

 

في اليوم التالي باع الشاب خرافه؛ ليتزود بالمال لرحلته، وجاء للرجل العجوز بستة من الخراف، وأعطاه إياها، وانتظر أن يخبره كيف يحصل على الكنز، فقال له الرجل: الكنز في مصر بالقرب من الأهرام!

 

أحس الراعي أن الرجل يخدعه، لكن العجوز قال: ولكن انتبه للعلامات.. إنها ستساعدك لتحقيق أسطورتك الذاتية وتحقيق حلمك، ثم قال له: سألخص لك الأمر في قصة توضح سر السعادة،قال: يحكى أن واحدًا من التجار أرسل ابنه ليتعلم سر السعادة عند رجل حكيم، وقطع الصحراء للوصول إليه ووجده في قصر كبير، ودخل على الرجل الذي قال له أن يتجول فيه ويرى أثاثه وغرف الطعام العامرة، والبساتين المزهرة، لكنه أعطاه ملعقة فيها نقطتان من الزيت وقال: تجول كما تشاء، ولكن لا تسقط قطرتي الزيت، فجاءه بعد أن تجوَّل في القصر دون أن يسقط قطرتي الزيت، لكنه لم يستطع أن يستمتع بجمال القصر،ثم راح الفتى مرة ثانية، وأوصاه الحكيم أن يشاهد ما في البيت من بساتين وجمال وطعام، لكنه لما عاد كان قد سكب نقطتي الزيت!

 

قال الرجل العجوز للراعي: إن سر السعادة هو أن ترى روائع الكون، ولكن دون أن تسكب قطرتي الزيت!

 

جلس الشاب في مقهى بعد أن بلغ إفريقيا عبر المضيق، وأخذ يفكر في رحلته المنتظرة، وتعرف على شاب ليكون له دليلًا للوصول إلى مصر، وسرعان ما وعده ذلك الشاب برحلة قصيرة من الغد، وبعد أن أخذ المال تحيَّن غفلة من الراعي وفر هاربًا بالمال.

 

بكى الراعي على حاله الذي تغير بين عشية وضحاها، ونام في الميدان يفكر، هل يعود من حيث أتى أم يكمل مغامرته في البحث عن الكنز؟استيقظ في الميدان ليجد الباعة ينصبون منصاتهم للبيع، فساعد رجلًا يبيع الحلوى، فأعطاه قطعة من الحلوى التهمها مغتبطًا.

 

ومقاومًا إحباطه وبُعْدَه عن بلده وضياع أمواله عمل في المدينة العربية عند بائع كريستال كاسد الحال ليجد قوت يومه،وبعد فترة بدأ العمل ينتعش وأقبل الناس على الشراء من المتجر، وأصبحوا يقدمون الشاي للمشترين في آنية الكريستال كخدمة إضافية اقترحها الشاب على البائع العربي، فانتعشت تجارة المتجر أكثر، وأخذ الشاب يدخر المال على مر الشهور؛ ليستطيع أن يشتري غنمًا جديدة بعد أن أخذ يفكر مرة أخرى في أن يتخلى عن رحلة البحث عن كنزه..

 

أعد الشاب عدته ليرحل، لكن التاجر العربي قال له: لا تتنكر لأحلامك..وخرج الشاب إلى الشادر، وأحس بعد أن جمع أموالًا أكثر مما كان معه أنه أكثر ثقة، وشعر أن ما حدث كان مقدرًا أن يحدث لعلة وحكمة، وقرر أن يسأل عن الطريق إلى الأهرام، وتذكر كلمة كان يقولها تاجر الكريستال العربي في طنجة ليدل على نفاذ القدر: مكتوب..!

 

وجد قافلة ستذهب إلى الفيوم، وكان في القافلة رجل إنجليزي يقرأ في كتب السيمياء، ويبحث عن سيميائي عربي يستخدم السيمياء ليحول المعادن إلى ذهب.. تبادل الحديث مع الإنجليزي، وعلم كل واحد هدف الآخر: الإنجليزي في البحث عن السيميائي، والشاب الراعي في البحث عن الكنز،سارت القافلة في الصحراء أيامًا طويلة، وعقد الشاب صداقة مع حادي الجمال، وكان يخبره عن الصحراء، وعن حرب منتظرة بين العشائر، واقتربت الواحة، وفي صباح يوم وجد الشاب أمامه غابة كبيرة من النخيل، وأحس بأن العالم يتكلم بلغات متعددة، فكما أن جملًا يجأر يمكن أن يكون نذيرًا بالخطر؛ فإن رؤية غابة من النخيل يمكن أن يمثل معجزة.

 

كان السيميائي ينتظر قدوم القافلة، ويشعر أن فيها تلميذًا له سيعلمه بعضًا من أسراره، وكان رؤساء القوافل مجتمعين، وقرروا أن يبقى المسافرون هنا حتى تنتهي الحرب بين العشائر، وقرر الإنجليزي أن يبحث عن السيميائي، وأخذ الشاب معه، ولكن كانت الواحة أكبر مما تخيلا، وفيها مئات الخيام، ووجدا فتاة تملأ جرة لها عند البئر، فسألها الشاب وقد وقع حبها في قلبه مباشرة، وعلم أنها هي المرأة التي سيرتبط بها قدره، فدلتهما عليه.

 

رأى الفتى فيما يرى النائم أن جيشًا يُغِير على الواحة، فأبلغ مجلس رؤساء القوافل بذلك، فصدقه البعض، وكذبه البعض، وقرروا أن يتخذوا حيطتهم، وقرروا توزيع السلاح، لكن الشيخ الكبير قال: إن لم يكن ما قلته صحيحًا، استخدمنا السلاح ضدك أنت!

 

خرج الشاب إلى الصحراء، فقابله فارس ملثم اختبر شجاعته وسأله عن الرؤيا التي رآها، فتعجب الشاب؛ لأنه يعرف ذلك،كان ذلك هو السيميائي الذي دعاه لزيارته، فقال: لو احتفظت برأسك غدًا، فتعالَ لتقابلني بعد غروب الشمس،في الصباح أغار خمسمائة فارس على الواحة التي استعد فيها ألفا رجل لذلك، وقُتل الأعداء، وأُعطي الشاب خمسين قطعة ذهبية، وفي المساء انطلق لمقابلة السيميائي الذي ذكره بحلمه وبتحقيق أسطورته الذاتية، وأن حبه للمرأة وجمعه للمال لا يعني أن يتخلى الإنسان عن حلمه، بل يتشبث به، فتخلى الشاب عن تردده، وانطلق مع السيميائي في الصحراء ليدله على الوصول إلى كنزه!

 

تحدث الشاب والسيميائي كثيرًا في رحلة الصحراء، وكان الشاب يصاب بالخوف والحزن والحنين إلى المرأة والرغبة في الرجوع، فقال السيميائي: استمع لقلبك وأحلامك، فقال الشاب: لماذا ينبغي أن نصغي إلى قلوبنا؟ فقال السيميائي: لأنه حيث يكون قلبك يكون كنزك.

 

استمرا بالتوغل في الصحراء ساعات وأيامًا، وقلب الشاب يحدثه بأشياء كثيرة، وينفتح على أسرار الصحراء والكون، وأحس بالخطر، وأبصروا جنودًا كُثرًا أحاطوا بهم وأسروهم، فأعطوهم المال حتى لا يقتلوهم، ووجد الشابُّ السيميائيَّ يقول للقائد العربي الذي أسرهم: أمهلنا ثلاثة أيام وسترى عجبًا، كيف أن هذا الشاب سيحول نفسه إلى ريح، واشتد رعب الفتى؛ لأنه لم يكن يعلم كيف يحول نفسه إلى ريح!

 

سأل الشابُّ السيميائيَّ عما قاله، فقال: ينبغي أن يفعل ذلك حتى ينجو، وأخذ الشاب يتحدث إلى الصحراء طوال الأيام الثلاثة، وجاءت اللحظة المرتقبة، وعلم الشاب أنه لا بد أن يتوجه إلى يد القدرة العالية حتى يتحقق ما يريد، وأخذت الرمال تتجمع، وتعسرت الرؤية، والشاب منهمك في صلاة علوية، وحين انقشعت الرمال لم يروا الشاب في مكانه، بل كان بجوار أحد الجنود، وسمح القائد لهما بالانصراف ليكملا رحلتهما، ليظل الناس بعد ذلك يتحدثون عن الفتى الذي تحول إلى ريح!

 

انطلقا ليكملا رحلتهما، وحكى السيميائي للشاب قصصًا عن أناس تركوا بصماتهم في العالم، وكان لهم أدوار هامة، وكان قد قرر أن يعود من حيث جاء ليترك الشاب ليعثر على كنزه، وقام بتحويل بعض المعدن إلى ذهب أمامه، وأعطاه بعضًا منه أكثر من ماله الذي ضاع، وقال وهو يفارقه:

لكل إنسان في هذا العالم دور رئيسي، ولكنه في العادة لا يدرك ذلك!

 

وصل إلى الأهرام، وبينما كان يحفر عند سفحها في موقع بكائه الذي كان علامة على الكنز، وجد رجالًا فوق رأسه، أخذوا ذهبه، وقال له أحدهم: ستعيش وتتعلم أن الإنسان يجب ألا يكون غبيًّا، لقد حلمت في موضعك هذا مرتين حُلمًا أني أذهب إلى إسبانيا إلى كنيسة مهجورة يضع فيها الرعاة أغنامهم، وفي موضع هيكلها شجرة جميز، وهناك سأجد كنزًا مطمورًا، لكني لست من الغباء بحيث أعبر الصحراء؛ لأني رأيت الحُلم نفسه مرتين!

 

رجع الشاب إلى بلده،دخل الشاب إلى الكنيسة التي كان أنام فيها أغنامه ومعه جاروف، وأخذ يحفر أسفل الشجرة، فوجد كنزه المنشود، عملات ذهبية إسبانية، وأحجار كريمة، وتماثيل مرصعة بالماس، ابتسم وفكر أن الحياة سخية لمن يعيش أسطورته الذاتية، تذكر أنه ينبغي أن يذهب إلى تاريفا ليعطي الغجرية عشر كنزه، وشعر أن الريح ترسل له نسمة من المرأة العربية التي أحبها في الواحة فقال: إني قادم.

 

(باولو كويلو حياته وأعماله):

كاتب برازيلي، ولد في ريو دي جانيرو، مارس الإخراج والتمثيل، والتأليف الغنائي، والصحافة، ثم تفرغ للكتابة.

 

من أعماله:

♦ حاج كومبوستيلا.

♦ السيميائي.

♦ فتيات فالكيري.

♦ على نهر بييدرا جلست وبكيت.

♦ الجبل الخامس.

♦ أوراق محارب الضوء.

♦ فيرونيكا تقرر أن تموت.

♦ إحدى عشرة دقيقة.

♦ الزهير.

♦ الرابح يبقى وحيدًا.

وغيرها.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/96157/#ixzz5VK2twuNi

Exit mobile version